مردو

كان ابني يشاهد التلفاز وكان ممثل الفيلم الأنيق والجميل يدخّن بطريقة خاصة. بينما كان ابني يحدق في شاشة التلفاز ويحمل بيده كأسًا باردًا من الشاي الحلو، سألني: «أبي، هل التدخين شيء سيّء؟» " شعرتُ أنَّ التلفزيون يبتسم لي ويقول: «أيُّها المسكين! لا تستهِن بي. افعل ما تريده فيما يتعلق بتربية طفلك لكني سأجعل كل ما تتكبده من عناء أنتَ والعائلة والمدرسة والمعلم في مهب الريح في جزء من الثانية!»

قلتُ کمصارع قام بتثبیت خصمه: «نعم، يا عزيز أبيك.» فقال في الحال: «وماذا عن الشخص الذي يدخن؟ هل هو شخص سيء أيضًا؟» نظرتُ إلى ممثل الفيلم. أين أنا العبد الفقير من هذا الممثل الشهير! شعرتُ بأني لا أساوي شيئاً. فقررتُ أن أواجهه وأعترف له فقلتُ: «لا یا عزيزي ليس بالضرورة أن يكون كل مدخِّن شخصًا سيئًا.»  ثم قام بإطلاق رصاصة الرحمة حين سألني مرة أخرى: «كيف يمكن لأحد أن يفعل أشياء سيئة وفي الوقت نفسه يكون شخص جيد؟!» شعرتُ حينها أني تلقيت ضربة فنّية ولم يكن لدي إجابة مقنعة. كيف يمكنني أن أُفهِم الطفل أن الفعل السيء يختلف عن الشخص السيء؟ في الحقيقة ربما لا ينبغي تقسيم الناس إلى جيد وسيء وأنَّ عمل الناس هو مَن يخضع للحكم.

تمرُّ سنة أو سنتين على ذلك اليوم. كان اليوم أحد تلك الأيام التي أعتقد أنها سبب وجودي على قيد الحياة. اليوم كان عليَّ أن ألتقي بأشخاص لم أرهم لكني أحببتهم. ذهبت إلى دار الأحداث بدعوة من الدكتور إبراهيمي. كانت القاعة مليئة بالأولاد المراهقين الذين كانوا بنفس عمر ابني أو أكبر بسنة أو سنتين. كانت جريمتهم إما السرقة أو شِجار أو حيازة المخدرات. حين نظرت في عيونهم، لم أر شيئًا سوى النقاء والصدق.لم يكن هناك أثر للشر والسوء في عيونهم. حين جلسنا تحدث الأساتذة وقام بعض الأطفال بأداء بعض الفنون وانعقد اجتماع جيّد بجهود ولباقة مسؤولي المركز. اجتماع مليء بالدفء والهدوء. قام بعض المراهقين بالتعريف ببعض الكتب وما هي الكتب الجيدة! كان قد حان دوري.

قصصتُ عليهم قصة أو قصتين حول مواضيع مثل مهارات التحكم بالغضب والتحكم بالاضطراب. كانت عيونهم عليّ بينما أروي القصة. نظرة مليئة بالحماس والخجل. شعرت بأني مديون لهم لأنّي وجدتُ الإجابة على سؤالي. تمنيتُ لو أنَّ ابني كان هناك لأشرح له كيف يمكن لشخص جيد أن يفعل أشياء سيئة. عندما لا يكون لديك مَن هو مسؤول عنك، عندما لا تحصل على تدريب، عندما تكون بعيدًا عن الفرص، عندما لا تعتبر نفسك بشراً، عندما لا يوجد من يعرّفك بنفسك، حينها تقوم بأشياء سيئة. عندما يقوم كل من حولك بأشياء سيئة فسيكون هناك أشخاص مثلك هم فقط أكبر منك بسنوات قليلة وبعيدين عن الفرص لعدة سنوات، هؤلاء من سيكونون دلالة طريقك؛ الطريق الذي هم أنفسهم لا يعرفونه. حينها ستفعل أشياء سيئة رغم كل محاسنك. قلتُ: «من هو الأشجع من الجمیع؟» من بین کل هؤلاء المراهقين لم يرفع يده سوى فتى صغير من زاوية الصالة. كان فتى مراهق بوجه رجل. دعوتُه للحضور على المنصة. كان قد أسبل يديه على الجانبين وجاء بقوام مستقيم وحاجبين غليظين.

مدَّ يده. أمسكت بيده وسحبته نحوي. قبّلت جبينه. سحب نفسه قليلاً للخلف بشكل مؤدب جداً. قلتُ: «قبّلت جبين هذا الشاب العزيز بالنيابة عن جباهكم جميعًا. جباهكم جميعاً يا أبنائي الطيبين.»

حين انتهى الاجتماع تقدَّم الأطفال وكانوا يحترمون بعضهم البعض. كان الکبار والصغار مدركين لكل شيء.

جاء كبيرهم وقال بصوت قوي ومحكم: «خادمك، مردو[1].» وكان يعلم أن الشيرازي يعرف جيدًا أن «مَردو» ليست كلمة، بل هي رتبة تُمنح فقط لـ "الأصدقاء المقربين".

 

[1] -  مردو كلمة متداولة في مدينة شيراز الإيرانية فقط وهي نفسها كلمة مرد (الرجل)؛ ويتم استخدامه بشكل خاص ومع الأشخاص المقرّبين جداً بمعنى الرجولة وتقال للرجل المضحّي والشخص الذي يقوم بإنجاز مهام صعبة وكبيرة.

 

الکاتب: مهدی میرعظیمی

ترجمة: د. میساء جبر

کتاباً صفحویاً



   نظرات
دیدگاه های ارسال شده توسط شما، پس از تایید مدیر سایت در وب سایت منتشر خواهد شد.
پیام هایی که حاوی تهمت یا افترا باشد منتشر نخواهد شد.
پیام هایی که به غیر از زبان فارسی یا غیر مرتبط با خبر باشد منتشر نخواهد شد.