الفرخ الجبان

بینما كنتُ أصعد سلالم المدرسة، رأيتُ ولداً صغيراً كان يرتجف كالدجاجة وقد تعلَّق بحقيبة والدته وعلق رباط حذائه غير المربوط تحت قدمه.

كان قد اختفى وجهه بالكامل تحت الكمامة وكان الأمر كما لو أنَّه كان يحاول إخفاء عينيه القلقة خلف عدسات نظارته التي تكاثف البخار فوقها.

فتحتُ باب الصالة ولوّحتُ لهم طالباً أن يدخلوا قبلي. إلّا أنَّ المرأة تجاهلتني وقامت بإخراج بخاخ الكحول ورشته على يديها وعلى يد الولد.

التفتت إلينا سيدة مسنة كانت تقف في منتصف القاعة وقالت: «من فضلکم قفوا هنا ریثما یفرغ المکتب». سحب الصبي يد والدته. الأم، التي بدا أن صبرها قد نفذ، قالت عابسة: «يا إلهي!  كم تلتصق بي؟ كل هؤلاء الأطفال هم من عمرك، انظر، لا أحد منهم يلتصق بأمه وأبيه مثلك! هل تريدني حقًا أن أتركك هنا؟»

ألصق الصبي رأسه بمعطف والدته. دفعت العجوز الكرسي تجاه الأم وقالت: «يا ابنتي؛ اهدأي إنه طفل. أنت سنده! إن لم يلتصق بكِ بمن يلتصق؟» رشّت المرأة الكرسي من أعلاه إلى أسفله بالكحول وجلست ثم أمسكت بالولد بإحكام بين ذراعيها وأخذت تلاطفه.

جاءت معلمة شابة وسألت عن اسم الولد. قالت الأم: «بارسا؛ اسمه بارسا» قالت المعلمة: «عزيزي بارسا، أتحبُّ أن تأتي وتشاهد صفك؟» کان الولد قد ألصق وجهه بوجه أمّه بالکامل ولم یجب. قالت الأم بنبرة لطيفة: «يا سيدة، هذا السيد بارسا هو حب والدته وروحها هل يمكن ألّا تفصليه عني؟»

أوضحت المعلمة أن الدروس في هذا العام ليست عن طريق الحضور الشخصي والآن من المفترض أن يتعرف الأطفال فقط على معلمهم. لم يكن الصبي مستعدًا للذهاب مع المعلم إلى الصف. أخيرًا، تقرر أن يتحدث المعلم مع الولد أمام باب الصف، بحيث تكون الأم أمام عينيه. انشغلوا بالحديث.

التفتت المرأة المسنة إلى الأم وقالت: «هل لديكِ سوى هذا الطفل يا ابنتي؟» لم تنتظر الجواب وتابعت: «أنتِ من ناحية، لديك الكثير من الحب لابنك ولا تدعيه ينفصل عنك وفي نفس الوقت تشاجرينه حين يلتصق بكِ! كالكأس الذي تخرجيه من الثلاجة وتسكبي داخله الشاي الساخن. حسنًا، بالطبع سوف ينفجر! أنت تتسببين بأذى كبير للطفل».

كانت الأم صامتة ومن الواضح أنها قد ارتبكت ولم تنتبه لسلوكها. نظرت العجوز إلي وقالت: «لابد وأنَّك أنتَ أيضاً لديكَ ولد. لذا استمع!» لم أستطع أن أعرف من خلف الکمامة ما إذا كانت تبتسم أم عابسة، لكن عينيها وحاجبيها كانا بغاية الجدّية. قلتُ: «كلّي آذان صاغية أمي العزيزة!» ووضعت هاتفي الخلوي في جيبي.

شبكت السيدة العجوز يديها وقالت: «يضع البلبل حتى سبع بيضات يتحول ستة منها إلى كومة ريش وواحد فقط يصبح بلبلاً! هل تعلم لماذا؟» ضحكت وتابعت: «لأن تربية الأبناء صعبة! من ناحية حب شديد ومن ناحية أخرى الصرامة والعناد والغضب. والنتيجة ستكون خوف وقلق الطفل وقلة الشعور بالأمان. الصوص الذي لا يشعر بالأمان لا يمكنه أن يغرِّد ويصبح مجرد كومة ريش جبانة!»

 قالت المعلمة الشابة التي كانت تقف بجانبنا بعد انتهاء المحادثة مع بارسا وتستمع إلى المرأة العجوز: «بالطبع أيتها الوالدة العزيزة؛ لو تستفيد البلابل من مستشاري التربية في المدرسة لتعليم أطفالها، فإن فراخها جميعها ستصبح بلابلاً!»

ضحكنا جميعًا. وضعت الأم البخاخ في حقيبتها. التقط بارسا منديلاً وأخذ يمسح نظارته من البخار المتكاثف!

 

الکاتب: مهدی میرعظیمی

ترجمة: د. میساء جبر

کتاباً صفحویاً



   نظرات
دیدگاه های ارسال شده توسط شما، پس از تایید مدیر سایت در وب سایت منتشر خواهد شد.
پیام هایی که حاوی تهمت یا افترا باشد منتشر نخواهد شد.
پیام هایی که به غیر از زبان فارسی یا غیر مرتبط با خبر باشد منتشر نخواهد شد.