التنبو

قلتُ: «يا جدتي؛ هل تعرفين التنبُّؤ أيضًا؟ » ضحكت وقالت: «لا يا حبيبي، لا أعرف التنبؤ، لكني أعرف التوقُّع» قلتُ: «لماذا تبتسمين حين يمتعض الجميع؟» أطبقت جدتي عينيها ولم تقل شيئًا. تهب الرياح من نافذة السيارة على لباسها وشعرها. كان من الواضح أن رياح الصباح العليلة قد سلبتها حواسها. كنا قد وصلنا أمام المختبر، لكن ما زال أمامنا وقت طويل قبل أن يبدأ العمل. قلتُ: «علمتُ أننا سنصل باكرًا ونتعطَّل!» فتحت جدتي عينيها وقالت: «هل أنت متضايق لأنك رأيتَ أربعة أشخاص نشيطين ومبتسمين؟ هل تستاء أن تتنشَّقَ رياح الصباح العليلة؟ هل اشتكيت من أنك لم تعلق في زحام المرور ولم تستعر غضبًا؟ » وضحكت. أنا أيضًا ضحكت. كانت تقول الحقيقة. القيادة لمدة ربع ساعة صباحًا كانت كفيلة بأن تجعلني أشعر بتحسُّن.

كان هناك فتاة يافعة قادمة نحونا من أعلى الرصيف وهناك حقيبة على كتفها وكتاب في يدها. كل بضع خطوات، كانت تنظر أمام قدميها حتى لا تقع على الأرض وتعود مرة أخرى وتضع رأسها في الكتاب. شفتيها تتحركان وكان من الواضح أنها كان تحفظ شيئًا ما. قالت جدتي: «ستمطر اليوم. سيفتح المختبر الآن وستأتي هذه الفتاة وتلقي علينا التحية. ربما أنا لا، لكن ستشهد أنت وأطفالك أيامًا جيدة جدًا». تجهّز نفسها وتنزل من السيارة. أتت سيدة وفتحت باب المختبر والفتاة أيضاً جاءت وألقت التحية علينا. كان فمي مفتوحًا من شدة المفاجأة. أرادت الفتاة أن تقول شيئًا لكنني لم أدعها تتحدث وقلتُ: «جدتي؛ أقول أنكِ تتنبأين وأنتِ تقولين لا. كيف عرفت هذه الأشياء؟» ضحكت جدتي وقالت: «منذ الصباح وحتى الآن هناك رائحة مطر رطب وتتجمع السحب السوداء في السماء من جهة القبلة وهذا يعني أنها ستمطر. رأيتُ من خلال مرآة السيارة سيدة ترتدي رداءً أبيض وتقترب وكانت تبحث عن شيء في حقيبتها فاكتشفت أنها من طاقم عمل المختبر وتريد العثور على مفتاحها». أجبت على سلام الطالبة وقلتُ: «كيف عرفتِ أن هذه السيدة ستلقي التحية علينا؟» وضعت جدتي يدها على كتف الفتاة وقالت: «حين رأتْ هذه السيدة الموقرة أنك ركنت السيارة فوق خط ممر المشاة رفعت رأسها عن الكتاب وجاءت نحونا مباشرة ففهمت من حركتها أنها تريد أن تقوم بتنبيهك». ضحكت الفتاة وقالت: «لا يا أمي العزيزة؛ مدرستي على الجانب الآخر من الشارع. أردت فقط عبور ممر المشاة!» عبست الجدة في وجهي بشكل مضحك وقالت: «تفضلي؛ عندما تكون هناك طالبات جيدات ونبيلات ومهذبات في هذا البلد، تأكد من أن هناك أيام مشرقة في انتظارك». ابتسمتْ وضربتني بحقيبتها وقالت: «اذهب واركن السيارة في مكان جيد وتعال». ودعتنا الفتاة وغادرت. كان في ذلك الجانب من الشارع مدرسة كبيرة وجميلة. على ما أذكر، كانت المدرسة الموجودة هنا أصغر وأقدم. أوصلتُ نفسي على الفور إلى المختبر. كانت جدتي مشغولة بالدردشة مع الموظفين هناك. كان بإمكاني مشاهدة المدرسة بشكل أفضل من نافذة المختبر. كان هناك رجل في منتصف العمر ينظف أرضية القاعة. سألتُ: «هل هذه المدرسة مبنية حديثًا؟» كانت أصوات الأطفال مسموعة من باحة المدرسة بشكل جيد وكانت الشمس قد زادت من جمال واجهة آجر المدرسة الجميلة. ضحك الرجل وقال: «لا بد أنك رأيت المدرسة السابقة التي كادت أن تصبح شيئاً فشيئاً أشبه بالسجن! تم بناء هذه المدرسة قبل عامين أو ثلاثة ونحن شركاء أيضًا». كانت جدتي تسمع كلامنا فقالت: «شريك بماذا؟». استند الرجل على حامل المكنسة وقال: «كانت يلزم الكثير من المال لبناء مدرسة جديدة. في الوقت نفسه كان عليهم أيضًا شراء منزل أو اثنين من المنازل المجاورة لتوسيع المدرسة. تم بناء هذه المدرسة حجراً حجراً بأموال الناس. في النهاية، كانت هناك حصة للعاملين في هذا المختبر بالمشاركة في بنائها». قلتُ مستغرباً: «يبدو أنه لا يزال من الممكن العثور على أشخاص جيدين! ». قالت جدتي: «ولدي العزيز؛ زجاجة الحصرم، حتى لو بقيت في الزاوية تحت الأرض لعدة سنوات، يبقى الحصرم فيها نقيًّا وحامضًا ولذيذًا. لا تجعل نظرك أسير العفن الموجود فوق الحصرم». أخرجت الوصفة من حقيبتها وقالت: «خذني غداً لأشتري بعض الآجر قبل نفاد نقودي من أجل شراء الحجارة!».

 

الکاتب: مهدی میرعظیمی

ترجمة: د. میساء جبر

کتاباً صفحویاً



   نظرات
دیدگاه های ارسال شده توسط شما، پس از تایید مدیر سایت در وب سایت منتشر خواهد شد.
پیام هایی که حاوی تهمت یا افترا باشد منتشر نخواهد شد.
پیام هایی که به غیر از زبان فارسی یا غیر مرتبط با خبر باشد منتشر نخواهد شد.