أفكار معتقة

كانت بداية سنوات الحرب وكنا قد اضطررنا للعودة إلى مدينة أبركوه بسبب عمل والدي. بدأتُ الدراسة في  المرحلة الإبتدائية في مدرسة قديمة ذات فناء واسع وصفوف كبيرة. في ذلك الوقت لم يكن هناك حافلات مخصصة لنقل الطلاب وكنا نذهب للمدرسة سيراً على الأقدام وكذلك في تلك الأيام لم يكن الأب والأم يعرفان القلق.

كان المدراء منذ اليوم الأول للمدرسة يرتبون الطلاب بناءً على عناوين منازلهم ومَن كان منزله الأبعد كان يتم تعيينه عريفاً للصف ويسلّموه العلم الموجود فوقه شعار المدرسة. في كل صباح كان العريف يسير بهذا العلم من منزله ويأتي خلف الشخص الذي يسبقه بالعنوان ثم للذي يليه وهكذا بالترتيب حتى يصلون للمدرسة.

كانوا قد علّمونا منذ اليوم الأول أن نتحرك رتلاً واحداً وأن يكون هناك مسافة بينك وبين التلميذ الذي أمامك وألّا نتحدث مع بعض أثناء المسير مطلقاً. كانوا يقولون لنا أنّ للخبز حرمة والماء مقدس وهو أساس الحياة. لقد تعلّمنا في المدرسة أن نستهلك من الماء ما يلزمنا فقط وألا نترك صنبور الماء مفتوحاً. علّمونا الأدب واحترام الأكبر سناً. عند الظهيرة حين يحين وقت الانصراف من المدرسة، كنا نعود صفاً واحداً للمنزل. جميع الناس والكسبة والعابرين كانوا ينظرون إلينا باحترام كذلك تقف السيارات احتراماً لراية المدرسة. كان القانون أن نقف أمام منازلنا ريثما يصل الرتل وفي حال لم نكن أمام الباب يطرق عريف الصف باب المنزل ويستطلع الأوضاع ويخبر المدرسة. في حال غبنا يراجعون المنزل بالدراجة النارية أو العادية ويستفسرون عن سبب غيابنا. كان خط الكوي في لباس معملينا واضحاً. في تلك الأيام حين يشاهد العامل والبنّاء والدكتور والمهندس بعضهم البعض يلقون التحية ولو كان هناك قطعة خبز على الأرض يلتقطونها ولايدعونها تندهس تحت الأقدام. في الحمام كان هناك جرن ووعاء، يملؤون الجرن بالماء ويستخدمون الوعاء من أجل الاستحمام ليترشدوا في استهلاك الماء. أشعر أحياناً أني قد فقدتُ قطعة من لعبتي البازل الثقافية. ربما عليَّ أن أعود وأستذكر بعض الخواطر. قبل عدة أيام رأيتُ مذكرة من أوائل العقد السابع في دفتر مذكرات أبي وكان قد كتب فيها:

«بعد سفري لدول أوروبا الشمالية وزيارتي للمعامل والمراكز الإنتاجية هناك انتبهتُ لنقطة هامة وهي أنَّ نشطاء المراكز الصناعية والإنتاجيين هناك يعيشون مثلنا قبل ستين عاماً وشعبهم كذلك. حتى أنه ليس قبل ستين عاماً من طهران أو شيراز بل قبل ستين عاماً من مدينة أبركوه. لايزالون يفون بالعهود التي يقطعونها ولايزالون يحترمون العمل والجد والفكر. لايزالون يعملون أكثر مما يتقاضون من حقوق. رغم أن بلادهم ذات هطولات مطرية عالية وليس لديهم مشكلة ماء إلّا أنَّ الماء لا يزال مقدَّس بالنسبة لهم. يبقون على الحمام دافئاً كي لايضطروا على تدفئته ببخار الماء. يرتدون ملابس دافئة في البيت كي لا يقوموا بإحضار الصيف للمنزل بعدد من المدافئ ووسائل التدفئة في الشتاء. الفرق الوحيد بيننا وبينهم أنهم يتقدمون بالتكنولوجيا بناءً على أسس ثقافية صحيحة وربما نكون نحن قد نسينا في مكان ما أثناء السير في التطور التكنولوجي الكثير من القطع المتعلقة بأسسنا الثقافية وتلك الأفكار المعتّقة.»

 

الکاتب: مهدی میرعظیمی

ترجمة: د. میساء جبر

کتاباً صفحویاً



   نظرات
دیدگاه های ارسال شده توسط شما، پس از تایید مدیر سایت در وب سایت منتشر خواهد شد.
پیام هایی که حاوی تهمت یا افترا باشد منتشر نخواهد شد.
پیام هایی که به غیر از زبان فارسی یا غیر مرتبط با خبر باشد منتشر نخواهد شد.