النوم و الما

قال الراعي للحذّاء: «أريد حذاء يتناسب مع قساوة الصخر وحدّة الشوك وأن يكون عوناً لقدمي في المرتفعات والمنخفضات. لاينخدش ولا يتمزَّق عبر السنوات الطويلة وأن يكون رفيق سفري خطوة بخطوة أثناء رعي الغنم!»

قال الحذّاء: «سأعطيكَ ما تريد؛ لكن عليكَ أن تنوّرني بسرّ بركة الخراف لديك. أتذكر أنه كان لديكَ اثنين من الخراف فقط وكلبين. سمعتُ أن الكلاب تحمل في العام مرتين وفي كل مرة تلد ستة جراء وأكثر وأعلم أن النعجة لا تلد في العام أكثر من مرة وتنجب في كل مرة حَمَل أو اثنين على الأكثر. لو يكون ماقلتُه حقيقة فاليوم بعد مضي سنوات يجب أن يكون لديك قطيع من الكلاب التي تمشي وراءها القليل من الخراف بينما خرافك لاتعدُّ ولاتحصى وكلابك بعدد أصابع اليد.»

قال الراعي: «دعني أجرِّب الحذاء وحينها سأقول لك سرّ الخراف.»

مضت الأيام وجهّز الحذّاء ماطلبه منه الراعي. قال للراعي: «هاهو كما طلبته، اسعَ منذ طلوع الشمس على قدميك في الصحاري والجبال والسهول؛ لكن ما إن غابت الشمس أزح عنه الغبار وضعه في زاوية كي يستريح ويهدأ!»

أمضى الراعي سنوات بذلك الحذاء يجوب الجبال والصحارى مع خرافه ويأخذهم للرعي أينما شاء وأثناء الليل ينفض الغبار عنه. وفي صباح أول اليوم يجد الحذاء لامعاً فيرتديه!

مرَّت سنوات. جاء يوماً عند الحذّاء وقال: «لقد تعبتُ من هذا الحذاء، ماذا أفعل كي أتخلص منه؟» قال الحذّاء: «أبقه في قدميك ثلاثة أيام متواصلة!» فعل الراعي ذلك، في اليوم الثالث اهترأ الحذاء وانطفأت لمعته وأصبح باهتاً وممزقاً وبالياً! سارع الراعي بالذهاب إلى الحذّاء وقال: «ما السرّ في حذائي الذي تحمَّل كل مصاعب وقساوة الصخور لسنوات ولم يؤثر به شيئاً، لكنه اهترأ بهذا الشكل خلال هذه الأيام القليلة؟»

أشار الحذّاء للحذاء وقال: «لقد صنعتُ هذا الحذاء من بنية الإنسان فمهما تعب وقاسى خلال اليوم منذ الفجر وحتى الغروب يمكنه أن يرتاح ويفرغ تعبه أثناء الليل بهدوء ويعود صباحاً نضراً نشيطاً ويبدأ يومه من جديد! الأمان، لو أخذوا  النوم من المرء ليلتين، حينها لو كان رستم البطل لخلع حذاءه! سرّ هذا الحذاء هو النوم، النوم الذي هو أفضل من العز والجاه والذهب والفضة.» قال هذا وتابع: «لقد أفصحتُ لك بسرّ الحذاء، أنت أيضاً قم بتنفيذ ما وعدتَ به وقل لي ما هو سرّ الخراف.» ألقى الراعي نظرة مليئة بالشكر على الحذّاء وقال: « كان سرّ الحذاء كما قلت في النوم وسرّ الخراف في الماء. الماء هو مظهر النقاء والخروف حافظ النقاء. خصلة النعجة هي نفسها خصلة الماء؛ لاتمضغ سوى العلف النظيف ولا تفتح فمها سوى على الماء النقي. حرمة الماء تهبها البركة وتزيد من نسلها والكلب رغم وفائه إلّا أنه يشرب الماء الملوَّث ويطأ بقدمه القذرة فوق نبع الماء فيجعل بركة الماء تهرب منه. وهذا السبب الذي يجعل فضلات الخراف سبباً في نمو النباتات وتبول الكلب سبباً في المرض. السرّ هو الماء النقي ومن الواضح أنه لو اعتُبر مقدساً فإنه يجلب البركة والسعادة، وحين لا يتم احترامه كما يجب سيجلب التعاسة والاضطراب.»

 

الکاتب: مهدی میرعظیمی

ترجمة: د. میساء جبر

کتاباً صفحویاً



   نظرات
دیدگاه های ارسال شده توسط شما، پس از تایید مدیر سایت در وب سایت منتشر خواهد شد.
پیام هایی که حاوی تهمت یا افترا باشد منتشر نخواهد شد.
پیام هایی که به غیر از زبان فارسی یا غیر مرتبط با خبر باشد منتشر نخواهد شد.