رفيق الطريق

كانت المرة الأولى التي أسافر فيها معه. كنتُ قد سمعتُ مرةً أنك إن أردت أن تكتشف شخصاً بشكل جيد سافر وكُلْ معه ولقد فعلت معه الأمرين.

رجل ذو سبعين عاماً أمضى عمره بالتلمذة والتعليم والآن كل كلام وكل عمل يقوم به هو درس بالنسبة لي. فهو دائماً بالنسبة لي معلماً وأنا تلميذ.

كان الأستاذ كلما رأى شخصاً يلقي التحية عليه ثم يشكره! قلتُ: «أستاذ، السلام مقبول؛ لكني لا أفهم معنى شكرك. حتى الأشخاص الغرباء الذين تراهم أول مرة في حياتك تقوم بشكرهم.»

نظر إلي نظرة مليئة بالمعنى وقال: «أشكر وجوده».

أشكرهم أنهم لم يتركوني وحيداً. فكر في الموضوع لو كان من المقرر أن أسير في هذا الطريق ولا أرى أحداً. تخيّل نفسك وحيداً وسط هذه المدينة الكبيرة. الشكر أمر يسير، وإلا عليَّ أن أقبّل يدهم واحداً واحداً.»

كان ظُهراً صيفياً وعلينا أن نمشي من موقف المترو حتى الفندق. وقف في أول التقاطع شرطي شاب. حين وصلنا بالقرب منه ألقى الأستاذ التحية عليه وقال: «بنيّ، أشكرك أنَّكَ تقف من أجلي يوم الجمعة والسبت وأيام العيد وأيام العزاء.» وضع يده على كتف الشاب وقرَّب رأسه أكثر وتابع: «بالإضافة إلى شكري لك على تحمّلك حرارة الأرض وأنت ترتدي حذاءك هذا.» ارتسمت ابتسامة جميلة على شفاه الشاب وقال: «والدي العزيز، تأكد من أنَّ الإبتسامة لن تفارق محياي لمدة أسبوع وسأوصل سلامك للجميع.»

كان من الواضح أنَّ كلام الأستاذ قد أثّر في الشرطي. بالتأكيد أنَّ ابتسامة الشرطي كذلك قد أسعدت قلبي.

في اليوم الأول من إقامتنا في الفندق طلب بأن يحضروا لنا طشت ووعاء بحجم نصف لتر. قبل الاستحمام كان يفتح الماء داخل الطشت حتى يسخن ثم يسكب الماء المتجمِّع فيه داخل الوعاء. عند الغروب حين يمتلأ الوعاء كان يقول لي بأن أحضره لعنده في الفناء الخلفي للفندق. كان يشرب الشاي هناك ، وبهدوء شديد يسقي أصائص الورد المحيطة في حديقة الفناء. خلال الأيام التي تواجدنا فيها في الفندق كان قد تعرَّف على جميع العمال وأصبح صديق الجميع.

و في اليوم الأخير من إقامتنا كنا في المطعم نتناول الفطور. جاء مدير الفندق إلينا، وسأل عن موضوع الطشت والوعاء. فشرح له الأستاذ بابتسامة كيف يمكن الاستفادة من الماء المهدور قبل أن يسخن من أجل سقاية المساحات الخضراء في الفندق.

أخرج قلماً وورقة من جيبه ورسم رسمة صغيرة وأدارها أمام المدير وقال: «نحن شخصين، يتجمع منا تقريباً كل يومين عشرين لتر ماء. لو أمكن أن نُعلِّم هذا لبقية الضيوف كان بإمكانكم ملء خزان السقاية الذي يلزمكم لسقاية المساحات الخضراء في الفندق بدون أن تقلقوا وستبقى أصص الورد نضرة.»

كان يصغي مدير الفندق لكلامه بتمعّن. تابع الأستاذ: «لقد ضاعفت نتاج الحديقة عندي في المنزل بهذه الطريقة.»

قلتُ: «أستاذ، شكراً لأنك موجود.» ضحك وقال: «بنيّ العزيز، الناس لا يريدون منّا سوى أن نكون نحن أنفسنا لا أكثر ولا أقل. القليل من التفكير والقليل من الفطنة ستعمر دنيانا وآخرتنا.»

 

الکاتب: مهدی میرعظیمی

ترجمة: د. میساء جبر

کتاباً صفحویاً



   نظرات
دیدگاه های ارسال شده توسط شما، پس از تایید مدیر سایت در وب سایت منتشر خواهد شد.
پیام هایی که حاوی تهمت یا افترا باشد منتشر نخواهد شد.
پیام هایی که به غیر از زبان فارسی یا غیر مرتبط با خبر باشد منتشر نخواهد شد.