طاحونة التخزين

كانت الشمس في منتصف السماء تشعُّ مباشرة فوق رأسي والأرض تحرق أسفل قدماي من شدة ارتفاع حرارتها وأشعر أن دماغي يغلي. أشار جدي للأمام وقال: «هناك طاحونة التخزين.»

الطريق الذي أشار إليه جدي كان مليء بنبات الينبوت الذي يصدر منه صوت خشخشة كلما هبت الريح. تؤدي نهاية الطريق إلى خرابة محاطة بالسراب. كانت الخرابة تبدو كسفينة وسط بحيرة خيالية وأينما ننظر حولنا نرى صحراء قاحلة. في السابق كنتُ أشعر بالسعادة لرؤية السراب؛ لكني الآن أشعر بالخوف قليلاً. جفف جدي عرق جبينه بالمنديل وقال: «كنتُ أعملُ في مرحلة المراهقة في هذه الطاحونة.» أشار لمجرى عميق نوعاً ما ومن الواضح أن الماء لم يجرِ فيه منذ سنوات وقال: «كان الماء يأتي من هنا ويصب في الخزان ثم يخرج من أسفله ويجعل ناعورة الماء تدور فيدور حجر الطاحونة. تخيلوا أن هذا المكان كان مليء بالماء لدرجة أنه لو وقع أحد فيه لغرق. من كان يصدق أن يتحول هذا المكان لصحراء وتتعطل طاحونة التخزين؟!

أبي رحمه الله كان يقول أنَّ من يغرق بالبحر يمكن إنقاذه أما من يغرق في المكان الجاف فلا يمكن إنقاذه. كأنه كان يقول الحقيقة، يبدو أننا نغرق في الجفاف.» في الحقيقة أنا أيضاً لا أصدق أنَّ هذا المكان كان مليئاً بالماء والعمران منذ عدة سنوات! لم يبق أي دلالة على عمران هذا المكان في السابق سوى هذه الطاحونة المعطلة. قال جدي: «بعد الطاحونة، كان الماء يجري باتجاه مزارع الناس. ولكل شخص كان له نصيبه من الماء.

طيَّب الله ذكره! كانوا قد خصصوا قسماً من الماء لأولئك الذين لايصلهم الماء. كانوا يقومون بسدّ أرضية البرك كي لاتمتص الماء ويصبح حراماً فباعتقادهم أنه كلما قلَّت نسبة الماء الحرام كانت حصة من ليس لديهم ماء أكبر.»

علينا أن نوصل أنفسنا للمدينة من أجل الغداء. حين وصلنا، كان هناك عامل مشغول بسقاية الحدائق وقد غسل الفناء أيضاً. رائحة التراب المبلول ورائحة الهواء العليل أخرج التعب من جسمي.

بعد الغداء طلب مني جدي أن أنادي على مدير المطعم. جاء شاب وسيم وسأل بابتسامة: «كيف يمكنني مساعدتك؟» شكره جدي على جودة الطعام ونظافة المطعم وقال: «أنا رجل عتيق. حين كنتُ صغيراً كنتُ أخشى الغرق في الماء أما الآن فأنا أخشى الغرق في الجفاف!»

أشار للصورة المعلَّقة فوق الجدار وقال: «غالباً أن الشخص الذي في الصورة هو المرحوم جدك. لو كان موجوداً لشرح لك ما معنى الغرق في الجفاف.»

لم يكن المدير الشاب قد فهم بعد معنى كلام جدي؛ لكنه كان يصغي إليه بكامل الإحترام والأدب. تابع الجد: «ذلك الماء الذي لازال يقطر كل يوم من صنبور مغسلة المطعم هو من حصة محرومي الماء. الماء الذي غسلتَ به الفناء كذلك هو حصة محرومي الماء. قل للعامل لديك أن يسقي الحدائق إما في الصباح الباكر أو في المساء وليس ظهراً في الجو الحار. أرسله ليشتري عدة حبسات لتضعها فوق الصنابير كي تتوقف عن التنقيط.»

نادتنا جدتي من عن الطاولة وقالت: «مرة أخرى وجدت من يقف ويستمع إليك؟! دع المسكين يقوم بعمله.»

 

الکاتب: مهدی میرعظیمی

ترجمة: د. میساء جبر

کتاباً صفحویاً



   نظرات
دیدگاه های ارسال شده توسط شما، پس از تایید مدیر سایت در وب سایت منتشر خواهد شد.
پیام هایی که حاوی تهمت یا افترا باشد منتشر نخواهد شد.
پیام هایی که به غیر از زبان فارسی یا غیر مرتبط با خبر باشد منتشر نخواهد شد.