المرتكز الخفی

كنا قد عدنا لمدرستنا الأساسية بعد مضي حوالي العامين على أعمال الصيانة الخاصة بالمدرسة. لم تكن تشبه مدرستنا القديمة في شيء فقد تحوّلت من مدرسة متهدّمة بطابق واحد لمدرسة جديدة بثلاثة طوابق ومخابرنا وقاعاتنا وملعبنا بقوا في مكانهم.

الجلوس في صف يحتوي على مقاعد جديدة وجدران مطليّة حديثاً يعطي المرء شعور حبّ التعلُّم. كتب المعلم على السبّورة كلمة «الدّقة» ثم بدأ بالتجوُّل داخل القاعة مشيراً لجدران الصف قائلاً : «أيها التلاميذ أرجو أن تنظروا بتمعّن وتجيبوا.. ماذا ترونَ على الجدار؟»

كان هناك لوحة واحدة فقط على الجدار في وسطها جدول مندليف الدوري. بدأ الطلاب بالإجابة واحداً واحداً وقالوا: «لوحة»، فسأل المعلم: «هل أنتم متأكدين؟» فكان سكوت الطلاب دليلاً على موافقتهم بأنهم متأكدين. رفع المعلم اللوحة عن الجدار وقال: «الآن ماذا ترون على الجدار؟» لم يقل أحد شيئاً حتى كسر نيما الصمت وقال: «لون». ابتسم المعلم وقال: «ثم ماذا؟» فقال نيما: «لا شيء». فسأل المعلم مرة أخرى بينما يمشي واللوحة في يده: «هل هناك شيء آخر على الجدار؟»

فأجاب الطلاب بصوت واحد: «لا.» أعطى اللوحة لنيما وقال: «ضع اللوحة في مكانها.» أخذ نيما اللوحة ووضعها في مكانها. فسأله المعلم: «من أين عرفتَ أن مكان اللوحة هنا؟» أجاب نيما باستغراب: «حسناً، في الحقيقة من هذا المسمار!»

ابتسم المعلم ابتسامة المنتصر وذهب لكرسيه وجلس ثم قال: «أحسنت، إذاً يوجد أيضاً مسمار في الجدار لكنكم لم تروه؟» رفع نيما أحد كتفيه للأعلى وقال: «بالطبع فهو غير مهم.» وأيّد غالب الطلاب كلام نيما بتعابير وجوههم. فقال المعلم: «هل تعلمون أيّها الطلاب؛ المسمار مظلوم جداً ومتواضع وصامت. لايحتاج لا للتنظيف ولا للرعاية ولا يتلفظ بأي كلمة؛ لكن بالمقابل عليه أن يتحمّل وزن أجمل اللوحات لسنوات طويلة. انظروا لأجمل وأغلى اللوحات والصور في منازلكم، في حال تراخى المسمار العزيز للحظة واحدة في أداء عمله ستكون النتيجة الكثير من النثرات والشذرات المرميّة على الأرض والتي لايمكن جمعها إلا بالمكنسة.» كدنا نبكي لشدة ما استفاض المعلم في الحديث عن المسمار واستفاضت مشاعرنا! بالطبع لم يكن حديثه بدون هدف فلو نمعن التفكير ندرك بالفعل أن انتباهنا للمسمار كان قليلاً.

قال المعلم: «جميعنا لدينا لوحات كثيرة في حياتنا. نفكر في المظاهر والشكل والطعام والاحتياجات الفاخرة؛ لكننا في غالب الأحيان نغفل عن مسامير حياتنا الأعزاء؛ الأب والأم والعائلة والصديق.»

سكتَ لحظةً ثم تابع: «في المجتمع أيضاً هناك لوحات الأمن والسلامة والرفاهية والتعليم والرياضة والبناء والعمران معلّقة على مسامير كالشرطة وعامل الإطفائية والبلدية والتربية والتعليم والجامعة والنادي الرياضي. في كل عائلة أو مجتمع تضعف فيه المسامير...»

لم يتابع كلامه. خطا عدة خطوات ثم كتب على السبّورة: «يجب جمع لوحاته المكسورة عن الأرض.» بعد سماع الطلاب لكلام المعلم الطويل والمؤثر صمتوا وجعلوا يفكّرون بما سمعوه.

قال المعلم: «مدرستنا الجديدة والجميلة هذه هي لوحة؛ لوحة غالية. تستند إلى مسمار اسمه الضرائب. إن لم تتحقق الإيرادات الضريبية للدولة من الضرائب، فستقع لوحتنا الجميلة على الأرض.»

بدأ نيما بالتصفيق وشاركه باقي الطلاب. فقال المعلم: «أرجو منكم أن تقوموا بالبحث حول هذا الموضوع لنتحدث عنه في الدرس القادم.» وكتب على السبورة: «أين يتم إنفاق ضرائبنا؟»

 

الکاتب: مهدی میرعظیمی

ترجمة: د. میساء جبر

کتاباً صفحویاً



   نظرات
دیدگاه های ارسال شده توسط شما، پس از تایید مدیر سایت در وب سایت منتشر خواهد شد.
پیام هایی که حاوی تهمت یا افترا باشد منتشر نخواهد شد.
پیام هایی که به غیر از زبان فارسی یا غیر مرتبط با خبر باشد منتشر نخواهد شد.