السيّدة فرهادي

بازدید: 0

لم يكن قد حان دوري بعد فجلستُ على الكرسي وأخذتُ أقرأ الجريدة. مرّت فترة طويلة لم أقرأ فيها الأخبار ورأيتُ أنها فرصة مناسبة لأقوم بتحديث معلوماتي مثلاً. جلست سيدة على كرسي متحرِّك تتحدث مع ابنتها. جلس أمامي رجل عجوز وقد سند ذقنه لعصاه وأخذ يراقب الموظف الذي كان يبحث في الإضبارة ورقة ورقة. كان هناك طاولة خالية بجانب الرجل العجوز وضع عليها حقيبته. دخل رجل متجهِّم وأشار بعينيه للكرسي الفارغ الموجود خلف الطاولة وسأل: «السيدة فرهادي ليست هنا؟!» وبقي منتظراً أن يجيبه أحد لكن أحداً لم يقم بذلك. لكن الرجل العجوز أنزل نظارته من فوق جبينه أمام عينيه وأدار نظره عن العامل الغارق بالإضبارة باتجاه الرجل العبوس.

تقدَّم الرجل خطوة للأمام ونظر إلى العجوز نظرة المُطالِب وعاد مجدداً وأشار للكرسي الفارغ وقال: «سألتُ إن كانت السيدة فرهادي موجودة؟!» قال العجوز ببرود شديد: «نعم، موجودة.» والتفتَ باتجاه الكرسي وقال: «سيدة فرهادي، هذا الرجل يطلبكِ.» تقدَّم الرجل للأمام، فهمَّ العجوز بالنهوض ونظر تحت الطاولة وقال: «سيدة فرهادي؛ اخرجي فهذا الرجل يريدكِ في أمر يخصّه.» تعجَّب الرجل كثيراً وأنا كذلك. سألتْ الفتاة أمّها خلسة: «أمي، هل حقاً تجلس السيدة تحت الطاولة؟!» تقدَّم الرجل المتجهِّم للأمام  ونظر تحت الطاولة. حين نظر تحت الطاولة استقام مرة أخرى وتنفَّس وضاقت عينيه وقال للعجوز: «والدي العزيز، هل ضحكتَ عليَّ؟!» استند العجوز بيديه الاثنتين على عصاه ونهض. حكَّ لحيته وقال: «أيُّها المحترم! لديك عينان أليس كذلك؟ أنتَ ترى أن ليس هناك أحد خلف الطاولة. تدخل بدون لا سلام ولا كلام! وتسأل كالمُطالب بدَيْنه، فأجبتكَ أنا بهذه الطريقة.»

ضحك الجميع. ارتسمت ابتسامة باردة على وجه الرجل وخرج. استدار الموظف باتجاه السيدة وابنتها ضاحكاً وقال: «كنتُ أعرف أني سأجدها. هاهي الموافقة جاهزة. خذوها من أجل التوقيع والختم» وأعطى الورقة للسيدة. دخلت السيدة فرهادي للغرفة وجاء خلفها الرجل المتجهِّم ذاته متذمراً: «أنتِ لديكِ مهمة هنا، أنا أدفع الضريبة لتقومي أنتِ بإنجاز العمل لي.» جلست السيدة فرهادي خلف طاولتها وأشارت للرجل بيدها أن يجلس. أخرجت من درج الطاولة مغلفاً ووضعته أمام الرجل وقالت: «نعم لديَّ مهمة لكن ضمن إطار القانون، انظر لملفّكَ فهناك الكثير من المراحل التي لم تنجزها بعد.» أشارت للسيدة الجالسة على الكرسي المتحرك والتي كانت تخرج من الغرفة وقالت: «يا سيدة، ألستِ أنتِ الأخرى ملتزمة بعمل؟ ألم ننجز لكِ عملكِ؟» أيّدت السيدة كلامها بابتسامة وأخذ موافقتها بيدها ومضت. تابعت السيدة فرهادي: «يا أخي، هناك قسم من الضريبة متعلق بحماية الإنتاج، المتعهد، المؤسسات المعرفيّة والمناطق الحُرّة. مثلاً ورشة العمل التي سيّرتها هذه السيدة قامت بذلك بمساعدة الدولة. من أين حصلت الدولة على المال؟! من الضرائب التي تدفعها أنتَ وغيرك.» كان من الواضح أنَّ الرجل لايريد أن يفهم فجلس بجانب العجوز وحدَّق في الجدار. وضع العجوز يده على كتف الرجل وقال: «هل تعلم، حين تسكب الماء بالملعقة فوق أرض يابسة تمتصها الأرض فوراً وتبقى بدون تأثير لذا يجب أن تمطر لتشبع الأرض وتثمر المرزعة. لو أنَّ الجميع الكبير والصغير يعلم كم أنَّ دفع الضرائب شيء مهم لما تأخَّر أحد عن دفعها مطلقاً.»

وقعت عيني على تاريخ الصحيفة وإذ بها للعام الفائت. أشرت للعجوز إلى تاريخها وقلتُ: «بالله عليك انظر كم كانت أخبار العام الفائت جديدة بالنسبة لي!» ضحك العجوز وقال: «إن لم تجدِّد ذهنك، ستكون الأخبار في كافة التواريخ متشابهة!»

 

الکاتب: مهدی میرعظیمی

ترجمة: د. میساء جبر



   نظرات
دیدگاه های ارسال شده توسط شما، پس از تایید مدیر سایت در وب سایت منتشر خواهد شد.
پیام هایی که حاوی تهمت یا افترا باشد منتشر نخواهد شد.
پیام هایی که به غیر از زبان فارسی یا غیر مرتبط با خبر باشد منتشر نخواهد شد.