الشقه 15

وضع الجار القاطن في الشقّة 15 قمامته بجانب الفناء وذهب بدون سلام ولا كلام!

لحقتْ به الدكتورة بخطوات سريعة وتحدَّثَتْ إليه قبل أن يصعد السيارة. بقيا يتحدثان حوالي الدقيقتين وافترقا بابتسامة. جاءت الدكتورة نحوي وقالت: «تفضل في عصر يوم الخميس برفقة العائلة لتناول حساء النودلز (الرشتة)[1] في منزلنا. سأدعو جميع الجيران وقد أخبرتُ هذا السيد أيضاً.»

لقد انتقلت السيدة حديثاً إلى بنائنا. يعيش أولادها خارج القطر وقد توفى زوجها قبل فترة. أردتُ أن أقول شيئاً؛ لكني تراجعت. فضّلتُ ألّا أعكَّر مزاجها من اللحظة الأولى. في الحقيقة الجار في الشقّة 15 رجل مغرور. لايشارك في اجتماعات البناء ولاينسجم مع بقية الجيران مطلقاً والأسوأ من كل هذا أنه لايدفع الرسوم المترتبة عليه.

منذ أن جاء إلى بنائنا، حرَّض بسلوكه بعض الجيران على المماطلة في دفع الرسوم. خلال هذين الشهرين منذ أن أصبحت رئيس لجنة البناء لا أتحدَّث إليه مطلقاً وأغلب سكّان البناء لايتحدثون إليه فهو غير محبوب البتة بسبب سلوكه.

تابعتْ الدكتورة: «سوف نتخذ قراراً في ذات اليوم إن شاء الله من أجل تغيير إضاءة الممرات وإنشاء مساحة خضراء. يجب أيضاً إصلاح مقصورات الفناء. أليس من المؤسف أن تبقى كل هذه الأشياء بدون استفادة؟!» قلتُ في نفسي: «لم تختلطي بعد بهذا الجار ليَحُطَّ من عزيمتكِ!»

ابتسمتُ ابتسامة مصطنعة وودعْتُها. في عصر يوم الخميس وصلتُ متأخراً قليلاً. كان قد اجتمع الجميع تقريباً في منزل الدكتورة.

جلستُ بجانب زوجتي. أحضر الجار القاطن في الشقة 15 طبق الشاي وألقى التحية وقدّمه لي.

أجبتُ على سلامه باستغراب! لم يكن قد ارتسم على وجهه ذلك التجهُّم المعتاد! كانت قد توقفتْ الدكتورة عن الكلام بقدومي ووضعتْ وعاء الحساء أمامي وعادت باتجاه النساء وقالت: «ليس هكذا! ليس هناك حاجة للاعتقال. الناس هناك يرغبون بدفع الضرائب من تلقاء أنفسهم؛ لأنهم يدركون كيفية استخدامها، ويشعرون بتأثيرها. يقول ولدي أنَّ الناس في أوروبا حين يعلمون أن شخص ما يتهرَّب من دفع الضرائب عن قصد يصبح مكروهاً بينهم ويعاتبوه قائلين بأنك تضرّ الجميع هنا. أنتَ لستَ عضواً في المجتمع. من ناحية أخرى نرى أن نظام التسلية والتعليم وتصميم المدن عندهم يسير على قدم وساق كذلك وسائل النقل العامّة والبناء والتعمير لديهم أيضاً كلّه في مكانه.»

قلتُ لزوجتي خلسةً: «يبدو أنَّ الدكتورة أيضاً من أهل التعريف برحلتها في أوروبا والإشادة بها!»

 أشرتُ لها بعينيّ للجار صاحب الشقّة 15 وقلتُ مستهزئاً: «من أي جهة شرقت الشمس حتى أصبح لطيفاً إلى هذا الحدّ؟!»

رفعت زوجتي حاجبيها وقالت: «هيّا اجلس! لايجب أن يكون المرء سلبيّ التفكير دائماً! على العكس هذه السيدة متواضعة جداً. كان الحديث عن الرسوم وأعمال البناء العامّة كما أنَّها تقصُّ علينا ذكريات أولادها وكيف علينا أن نكون مسؤولين تجاه مجتمعنا.»

ابتسمتْ وتابعتْ : «ثم أنها بشرحها الصحيح جعلتْ عملكَ أنتَ أيضًا أسهل فحتى صاحب الشقة 15 تدخل في الحوار وقال لقد فهمتُ لتوّي.»

أنا أيضاً بدأتُ لتوّي أشمّ رائحة حساء النودلز (الرشتة).

 

[1]- جاءت في النص الفارسي (آش رشته) وهي نوع من الشوربة تشتهر في إيران وهس حساء دسم متتلئ بأنواع البقوليات والمعكرونة والخضراوات الورقية وتسمى في العراق حساء الآش.

 

الکاتب: مهدی میرعظیمی

ترجمة: د. میساء جبر

کتاباً صفحویاً



   نظرات
دیدگاه های ارسال شده توسط شما، پس از تایید مدیر سایت در وب سایت منتشر خواهد شد.
پیام هایی که حاوی تهمت یا افترا باشد منتشر نخواهد شد.
پیام هایی که به غیر از زبان فارسی یا غیر مرتبط با خبر باشد منتشر نخواهد شد.